[size=12]قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكـم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون) [الروم:21] .
إنّ هذه المودة والرحمة اللتين تقررهما الآية لا بد لتحقيقهما من اصطناع الأسباب التي تؤدي إليهما من الكلمة الحلوة ، والبذل السخي، والعشرة اللطيفة، والسلوك الحسن ، والفعل الطيب ، وليس ذلك كائناً إلاّ بأن
يتعاون الزوجان على فهم كل منهما للآخر، وبأن يخطو كل منهما الخطوة الإيجابية في طريق المحبة، ويبادل صاحبه العاطفة الكريمة بمثلها .
وهذا كلام يفيد الإخوة والأخوات من الأزواج سواء أكانوا حديثي عهد بالزواج أم كانوا ممن مضى عليهم في هذه التجربة حين من الدهر . ولكنَ الكـلام الآتي خاص بالزوجين في بدء حياتهما الزوجية السعيـدة ، ذلك لأن هذه المرحلة مرحلة خطيرة لها آثارهـا الضخمة على حياتهمـا المقبلة . وقد يكون كثير من الشباب والشابات على معرفة يسيرة بحقيقة الحياة ، وخبرة محدودة بعلائق الناس ومعاملتهم ، فإلى هؤلاء أوجه هذه الكلمة لنعيش معهم في جو المودة والرحمة الذي يشـع من الآية الكريمة.
أيها العُرُس والعرائس!
إنّ هناك أفكاراً مغلوطة تقوم في أذهان كثير من عامتنا رجـالاً ونساءً ، وهذه الأفكار الخاطئة ربما أودت بالحياة الهادية السعيدة، والعيشة الراضية الرخيّة التي تطلع إليها كل عروس:
فمن ذلك ما يشيع عند نفرٍ من العامة أن العنف الشديد ينبغي أن يكون في الأيام الأولى للزواج .
ومن ذلك ما بدأنا نسمع به ونراه من التكـلف الزائد والتصنّع الواضح في أيـام العرس ، وتحميل الإنسان نفسه من النفقات ما لا يطيق ، وإظهـار نفسه على غير حقيقتها.
وهذا وذاك خطأ بيّن ، وخطر ماحق ، يتهدد السعادة البيتية ، ويقضي على الحياة الزوجية .
يا أبنائي وبناتي إنّ المودة لا تهبط علينا هبوطاً ، ولا تنبع من تحت أرجلنا نبعاً .. إننا إن لم نسعَ إليها ، ونأخذْ بما يوصلنا إليها لم نبلغهـا. فاستفيدوا يا أيهـا الأحبة من خبرة أهل العـلم والتجربة التي توصلوا إليهـا بعد أن أمضوا عقوداً عديـدة من السنين في دراسة مشكلات الناس ومحاولة التوفيق بين المختلفين منهم .
في كل بلدٍ تقوم أمثـال شعبية تعبّر عن آراء أهـل ذاك البلد ، وهذه الآراء منها الصحيح ومنها المغلوط ، فمن الأمثال الشعبية الهدامة التي تهدد سعاـدة الأزواج بالانهيار مثل يردده الناس في بلدنا وهو قولهم : ( اقطع رأس القط في ليلة العرس ) وهذا المثل مبنيّ على أسطورة تدّعي أن رجـلاً مقبلاً على الزواج أتى بقط وجعله في غرفة العروس ، وخبأ تحت الوسادة سكينـاً ، فلمـا دخلت العروس أمسك بالسكين وعمد إلى القط فقطع رأسه ، فراع دم الهرّ البريء المرأة الغريبة الوافدة ، وجزعت أشدّ الجزع وأحسّت أنها إن خالفت أمر هذا الزوج الوحش ربما تعرّضت إلى عقوبة تقرب من عقوبة ذاك القط البريء ... ولذلك فقد انقـادت لزوجهـا انقياداً تاماً وأطاعته طاعة عمياء . إنّ هذه الفكرة الخاطئة توقع النفور بين الزوجين في وقت هما في أشد الحاجة إلى الألفة والمودة والانسجام .. إنّ بدء الحياة الزوجية في جو يقوم على الإرهـاب والـدم والتهديد يذهب بكل إمكانات الوفـاق في المستقبل ، ويجعل الحياة إن استمرت قائمة على الخوف والحقد، والكراهية والكيد إنّ الأيام الأولى في الزواج مرحلة من أدق المراحل في حياة الإنسان .
نعم .. هناك ضرورة ماسة إلى أن يروض كل من الزوجين نفسه وصـاحبه على الحياة الجديدة ، وقد تتداخل بعض المعـاني في بعض عند كثير من الشباب فيقعون في أغلاط مدمرة .. إن ترويض العروسين نفسيهما وصاحبيهما على بعض العادات والأخلاق والأعراف ينـبغي أن يكون مغموراً بندى المودة ، وشذا المحبة ، ونسيم التفاهم .. أما العصا والسوط والسكين والمعـاندة والمخالفة فسـلاح مغلول، إن صلح لدى بعض الأمزجة المريضة النادرة فلن يصلح في أكثر الحالات .
إن الزوج الناجح هو الذي يستطيع أن يمتلك قلب زوجته في الأيام الأولى ، وإن الزوجة الناجحة هي التي تستطيع أن تحظى بإعجاب الزوج ومحبته في هاتيك الأيام السعيدة ، ذلك لأنّ الإحسـان يقود إلى الإحسـان ، وقيامُ مثل هذا الوضع من الطرفين يعينهما على إفراز المحبة والعطف والحنان والتقدير والاحترام، وعلى مرور الأيام كلما قامت عوامل جديدة تربط بـين الزوجين نجد أنّ هذه المعاني قد زادت توثقاً ورسوخاً ونمت نمواً كبيراً.
ولو نظرنا يا سادتي في أحكام الشريعة السمحاء لوجدنا ما يؤيد هذا المنطق السليم ويدعمه ، فلقد ندب الشـارع الحكيم الزوج أن يقيـم مع عروسه سبعة أيام إن كانت بكراً ، وألا يشرك معها غيرها.
روى البخاري ومسلم عن أنس أنه قال : " من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندهم سبعاً وقسم ، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم ".
ولقد ندب إلى إقامة الوليمة ، وفي ذلك تطييب لخاطرها وإشعار لها بالاهتمام البالغ لا سيما في الأزمان التي يكثر فيها الفقر، وتشح فيها الموارد.
والناظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله وأزواجه يعلم حقّ العلم أن الفكرة القائلة باستخدام العنف في الأيـام الأولى أو في الحياة الزوجية مرفوضة رفضاً تاماً ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" ، وكان صلى الله عليه وسلم يُعنى بملاطفة أهله والتودد إليـهن وممازحتهن .
والمروءة تقضي بذلك أيضاً ، فهذه البنت الغريبة التي تركت أهلها ، وجاءت إلى بيـت لم تألفه ، وإلى قرين لم يسبق لها به خلطة ، جديرة بأن تكـرم ؛ حتى تزول وحشتها ، وتشعر أنها انقلبت إلى جو مفعم بالحب والحنان والمؤانسة والاحترام ، يجب أن يشعرها الزوج الذي ارتضـاها بأن تكون شريكة عمره وأم أولاده أن يشعرها أن بيت الزوجية ليس قفصاً ولا سجناً ولا أتوناً ، وإنما هو واحة عامرة بالودّ والنعيم ، وأنها في أفراح متواصلة ، لا في معارك ساخنة .
وعليها هي أيضاً أن تبادله هذه العواطف بمثلها ، وتروّض نفسها على قبول الحياة الجديدة ، ويتنازل كل منهما عن العادات التي كان يحياها فيما قبل الزواج ، إنّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شأنه ، فالعنف من أحد الزوجين أو كليهمـا ينمي فيهما الحقد ، ويحملهمـا على العبوس الدائم ، وقد يصيبهما ببعض الأمراض النفسية ، التي تسيء إليهما مدة حياتهما ، وإلى أولادهما من بعدهما ، وقد يعرضهما إلى الجنون أو الإجرام ، وقد تتقوض الحيـاة الوليدة وتنتهي إلى الفراق الفاجع .
وكذلك فإن التكلف الزائد ، وإرهاق المرء نفسه بالنفقات في أيام العرس لون من الخداع يكون أثره سيئاً على الحياة الزوجية، وحماقة تؤذي مصلحة الأسرة لجديدة.
أيها السادة:
لنتقِ الله في بيوتنا ، ولنتخلق بالأخلاق الإسلامية، ولنلقِ وراء ظهورنا كل العادات السخيفة البالية والمستحدثة ، ولنستمسك بما جاء في ديننا ففيه - والله - السعادة الحقة ، ولنسعَ إلى المودة والرحمة باتخاذ أسبابهما لعلنا نوفق إلى إقامة الأسر المتراحمة المتوادة ، التي تحتاج إليها أمتنا في نهضتها المقبلة إن شاء الله .[/size]
إنّ هذه المودة والرحمة اللتين تقررهما الآية لا بد لتحقيقهما من اصطناع الأسباب التي تؤدي إليهما من الكلمة الحلوة ، والبذل السخي، والعشرة اللطيفة، والسلوك الحسن ، والفعل الطيب ، وليس ذلك كائناً إلاّ بأن
يتعاون الزوجان على فهم كل منهما للآخر، وبأن يخطو كل منهما الخطوة الإيجابية في طريق المحبة، ويبادل صاحبه العاطفة الكريمة بمثلها .
وهذا كلام يفيد الإخوة والأخوات من الأزواج سواء أكانوا حديثي عهد بالزواج أم كانوا ممن مضى عليهم في هذه التجربة حين من الدهر . ولكنَ الكـلام الآتي خاص بالزوجين في بدء حياتهما الزوجية السعيـدة ، ذلك لأن هذه المرحلة مرحلة خطيرة لها آثارهـا الضخمة على حياتهمـا المقبلة . وقد يكون كثير من الشباب والشابات على معرفة يسيرة بحقيقة الحياة ، وخبرة محدودة بعلائق الناس ومعاملتهم ، فإلى هؤلاء أوجه هذه الكلمة لنعيش معهم في جو المودة والرحمة الذي يشـع من الآية الكريمة.
أيها العُرُس والعرائس!
إنّ هناك أفكاراً مغلوطة تقوم في أذهان كثير من عامتنا رجـالاً ونساءً ، وهذه الأفكار الخاطئة ربما أودت بالحياة الهادية السعيدة، والعيشة الراضية الرخيّة التي تطلع إليها كل عروس:
فمن ذلك ما يشيع عند نفرٍ من العامة أن العنف الشديد ينبغي أن يكون في الأيام الأولى للزواج .
ومن ذلك ما بدأنا نسمع به ونراه من التكـلف الزائد والتصنّع الواضح في أيـام العرس ، وتحميل الإنسان نفسه من النفقات ما لا يطيق ، وإظهـار نفسه على غير حقيقتها.
وهذا وذاك خطأ بيّن ، وخطر ماحق ، يتهدد السعادة البيتية ، ويقضي على الحياة الزوجية .
يا أبنائي وبناتي إنّ المودة لا تهبط علينا هبوطاً ، ولا تنبع من تحت أرجلنا نبعاً .. إننا إن لم نسعَ إليها ، ونأخذْ بما يوصلنا إليها لم نبلغهـا. فاستفيدوا يا أيهـا الأحبة من خبرة أهل العـلم والتجربة التي توصلوا إليهـا بعد أن أمضوا عقوداً عديـدة من السنين في دراسة مشكلات الناس ومحاولة التوفيق بين المختلفين منهم .
في كل بلدٍ تقوم أمثـال شعبية تعبّر عن آراء أهـل ذاك البلد ، وهذه الآراء منها الصحيح ومنها المغلوط ، فمن الأمثال الشعبية الهدامة التي تهدد سعاـدة الأزواج بالانهيار مثل يردده الناس في بلدنا وهو قولهم : ( اقطع رأس القط في ليلة العرس ) وهذا المثل مبنيّ على أسطورة تدّعي أن رجـلاً مقبلاً على الزواج أتى بقط وجعله في غرفة العروس ، وخبأ تحت الوسادة سكينـاً ، فلمـا دخلت العروس أمسك بالسكين وعمد إلى القط فقطع رأسه ، فراع دم الهرّ البريء المرأة الغريبة الوافدة ، وجزعت أشدّ الجزع وأحسّت أنها إن خالفت أمر هذا الزوج الوحش ربما تعرّضت إلى عقوبة تقرب من عقوبة ذاك القط البريء ... ولذلك فقد انقـادت لزوجهـا انقياداً تاماً وأطاعته طاعة عمياء . إنّ هذه الفكرة الخاطئة توقع النفور بين الزوجين في وقت هما في أشد الحاجة إلى الألفة والمودة والانسجام .. إنّ بدء الحياة الزوجية في جو يقوم على الإرهـاب والـدم والتهديد يذهب بكل إمكانات الوفـاق في المستقبل ، ويجعل الحياة إن استمرت قائمة على الخوف والحقد، والكراهية والكيد إنّ الأيام الأولى في الزواج مرحلة من أدق المراحل في حياة الإنسان .
نعم .. هناك ضرورة ماسة إلى أن يروض كل من الزوجين نفسه وصـاحبه على الحياة الجديدة ، وقد تتداخل بعض المعـاني في بعض عند كثير من الشباب فيقعون في أغلاط مدمرة .. إن ترويض العروسين نفسيهما وصاحبيهما على بعض العادات والأخلاق والأعراف ينـبغي أن يكون مغموراً بندى المودة ، وشذا المحبة ، ونسيم التفاهم .. أما العصا والسوط والسكين والمعـاندة والمخالفة فسـلاح مغلول، إن صلح لدى بعض الأمزجة المريضة النادرة فلن يصلح في أكثر الحالات .
إن الزوج الناجح هو الذي يستطيع أن يمتلك قلب زوجته في الأيام الأولى ، وإن الزوجة الناجحة هي التي تستطيع أن تحظى بإعجاب الزوج ومحبته في هاتيك الأيام السعيدة ، ذلك لأنّ الإحسـان يقود إلى الإحسـان ، وقيامُ مثل هذا الوضع من الطرفين يعينهما على إفراز المحبة والعطف والحنان والتقدير والاحترام، وعلى مرور الأيام كلما قامت عوامل جديدة تربط بـين الزوجين نجد أنّ هذه المعاني قد زادت توثقاً ورسوخاً ونمت نمواً كبيراً.
ولو نظرنا يا سادتي في أحكام الشريعة السمحاء لوجدنا ما يؤيد هذا المنطق السليم ويدعمه ، فلقد ندب الشـارع الحكيم الزوج أن يقيـم مع عروسه سبعة أيام إن كانت بكراً ، وألا يشرك معها غيرها.
روى البخاري ومسلم عن أنس أنه قال : " من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندهم سبعاً وقسم ، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم ".
ولقد ندب إلى إقامة الوليمة ، وفي ذلك تطييب لخاطرها وإشعار لها بالاهتمام البالغ لا سيما في الأزمان التي يكثر فيها الفقر، وتشح فيها الموارد.
والناظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله وأزواجه يعلم حقّ العلم أن الفكرة القائلة باستخدام العنف في الأيـام الأولى أو في الحياة الزوجية مرفوضة رفضاً تاماً ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" ، وكان صلى الله عليه وسلم يُعنى بملاطفة أهله والتودد إليـهن وممازحتهن .
والمروءة تقضي بذلك أيضاً ، فهذه البنت الغريبة التي تركت أهلها ، وجاءت إلى بيـت لم تألفه ، وإلى قرين لم يسبق لها به خلطة ، جديرة بأن تكـرم ؛ حتى تزول وحشتها ، وتشعر أنها انقلبت إلى جو مفعم بالحب والحنان والمؤانسة والاحترام ، يجب أن يشعرها الزوج الذي ارتضـاها بأن تكون شريكة عمره وأم أولاده أن يشعرها أن بيت الزوجية ليس قفصاً ولا سجناً ولا أتوناً ، وإنما هو واحة عامرة بالودّ والنعيم ، وأنها في أفراح متواصلة ، لا في معارك ساخنة .
وعليها هي أيضاً أن تبادله هذه العواطف بمثلها ، وتروّض نفسها على قبول الحياة الجديدة ، ويتنازل كل منهما عن العادات التي كان يحياها فيما قبل الزواج ، إنّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شأنه ، فالعنف من أحد الزوجين أو كليهمـا ينمي فيهما الحقد ، ويحملهمـا على العبوس الدائم ، وقد يصيبهما ببعض الأمراض النفسية ، التي تسيء إليهما مدة حياتهما ، وإلى أولادهما من بعدهما ، وقد يعرضهما إلى الجنون أو الإجرام ، وقد تتقوض الحيـاة الوليدة وتنتهي إلى الفراق الفاجع .
وكذلك فإن التكلف الزائد ، وإرهاق المرء نفسه بالنفقات في أيام العرس لون من الخداع يكون أثره سيئاً على الحياة الزوجية، وحماقة تؤذي مصلحة الأسرة لجديدة.
أيها السادة:
لنتقِ الله في بيوتنا ، ولنتخلق بالأخلاق الإسلامية، ولنلقِ وراء ظهورنا كل العادات السخيفة البالية والمستحدثة ، ولنستمسك بما جاء في ديننا ففيه - والله - السعادة الحقة ، ولنسعَ إلى المودة والرحمة باتخاذ أسبابهما لعلنا نوفق إلى إقامة الأسر المتراحمة المتوادة ، التي تحتاج إليها أمتنا في نهضتها المقبلة إن شاء الله .[/size]